(قصة قصيرة)
كان ياما كان في سالف العصر و الأوان ملك من بني ساسان اسمه الحقيقي[أنشوروان العادل] واسمه الشرفي كسرى الأول ، كان هذا الملك شديد الحرص على جمع أبنائه و أصهاره و أحفاده و حاشيته و مسامرتهم أسبوعياً، يقص عليهم من أخبار الشعوب المجاورة لبلاد فارس كالروم و الهند و الصين و العرب ، ولكن الملك لاحظ من سامعيه تشاغلاً عندما يأتي الحديث عن العرب ،فقرر مواجهتهم ، وقال لهم مستنكراً: مالي أراكم تتململون عند الحديث عن جزيرة العرب ، وأنا أنتقي لكم أحسن قصص العرب و أخبارهم و حكمهم ، و أرى أنه لا غنى لكم عن معرفة أحوال هؤلاء القوم ، فالحاكم و التاجر والشرطي يحتاج إلى هذه المعرفة عند تعامله مع العرب ، فخيم الصمت عليهم..وبعد برهة تجاسر دستم واستأذن الملك في الحديث ، وقال :يا سيدي إننا لا نريد أي معرفة عن هؤلاء العربان رعاة الشاة و البعران ، أكلة الجراد و الجرذان و الضبان ،فليس عندهم علم ولا حكمة ، وهم تبع لنا يأخذون منا ولا نأخذ منهم ..
فقال الملك : أشكرك يا دستم فإن صدري ينشرح بالنقاش .. فاستأذنت كهرمان و قالت:يا سيدي إنما أراد زوجي أن يقول :إننا لا نتشاغل عن حديثك ؛و إنما نكره سماع قصص هؤلاء العربان. استأنف الملك حديثه قائلاً : يا أبنائي إن جميع الأمم تمر بمراحل صعود و هبوط و غنى و افتقار و توسع و انحسار و تحضر و انحطاط، وهؤلاء العرب الذين تحتقرونهم اليوم ، قد يحكمون أحفادكم يوماً ما فخذوا من قصصهم عبر لن تضركم يوم سؤددكم ، و قد تنفعكم يوم ضعفكم.
لذلك يا أبنائي سأروي لكم قصة مثيرة فيها عبر و عظات و حكم و صفات قد تكون حكراً على العرب كانت إحدى قبائل العرب يسوسها شيخ اسمه :كحيلان و كان رجلاً عطوفاً شهماً كريماً شجاعاً مقداماً ، يبذل جل وقته و جهده و ماله ، في سبيل جمع قبيلته و رفعتها ؛ ولذلك سعى لجمع القبائل المجاورة على التعاون و النصرة ، لصد غزاة السلب و النهب و السبي ، حتى أصبحت هذه القبائل بفضل جهود الشيخ /كحيلان مهابة الجانب، وذاع صيتها بين العربان ، و في أحد الأيام جاء إلى الشيخ :كحيلان بعض شيوخ إحدى القبائل التي كانت على الحنيفية ملة ابراهيم تدعى قبيلة [أخوان من طاع الله]طالبين الانضمام إلى حلف صيانة الأموال والأعراض ، فرحب الشيخ كحيلان بهم ، و استمهلهم ريثما يجمع شيوخ القبائل المتحالفة و يعرض عليهم الطلب ، فانصرفوا على أمل العودة لاتمام مراسم الاتفاق ، و في صبيحة اليوم التالي أرسل الشيخ : كحيلان غلامه المقرب إليه:فاني و أوصاه باقناع الشيوخ فالاتحاد قوة، فذهب الغلام فاني و نجح في اقناع جميع الشيوخ ما عدا الشيخ/جربوع شيخ قبيلة القصار ، فمكث ثلاثة أيام بليالهن عند الشيخ جربوع حصل فيها توافق فكري بينهما عميق ، و قال الشيخ جربوع لفاني و هو يودعه يا شيخ فاني إن هؤلاء القوم لا أطيق رؤيتهم ، فهم خطر على أبنائنا ، فشعاراتهم و نداءاتهم في الحرب تؤثر على فكر أبنائنا ، و لكني لا أستطيع مخالفة الشيخ : كحيلان ، وسأدفنها في قلبي مع سابقاتها ، أقسم الغلام فاني للشيخ جربوع بأنه سيعمل على إزالة هذه المخاوف الحقيقية بأسلوب يقتنع به الشيخ :كحيلان ، ولا يهمنا بعد ذلك أمر الدهماء و بقايا الحنيفية عاد الغلام فاني و معه موافقات جميع الشيوخ و موعد الاجتماع بأعيان قبيلة [أخوان من طاع الله]
وفي اليوم المحدد للاجتماع أمر الشيخ كحيلان بذبح الجزور وإشعال النار تحت القدور، وبسط الفرش وتصفيف الأرائك واسدال الستور، وبعد أن أكرمهم رفع الشيخ كحيلان يده وطلب من الشيوخ وضع أيديهم مع يده وترديد قسم الحلف والنصرة لحماية الأموال والأعراض. وفي الصباح تسلل الغلام فاني لواذاً إلى الشيخ جربوع ، و قد كسر التوافق الفكري بينهما كل الحواجز و الخطوط الحمراء ، وجد الغلام فاني الشيخ جربوع في حالة سيئة ،فطمأنه ووعده بفركسة الاتفاق مع قبيلة[أخوان من طاع الله] . و الايقاع بشيخهم /ابراهيم كنعان .
فشكره الشيخ جربوع و قال له يا شيخ فاني : إن بقايا الحنيفية موجودة مع القبائل الأخرى، و خطرهم على أبنائنا أشد من خطر الغزاة ؛ فالأموال و النسوان يمكن تعويضهم، و لكن فساد فكر أبنائنا يجعلهم أعداء لنا ،وعده الغلام فاني بفركسة الحلف مع كل القبائل و كل قبيلة تحمي مرابعها ، فشكره الشيخ جربوع و قال له و هو يودعه يا شيخ فاني : إن التوافق الفكري يجذبنا إلى بعض كجذب المغناطيس لبرادة الحديد.
قال انشوروان العادل : هذه قصة -يا أبنائي- فيها عبر و حكم و محاذير وخطر ، عليكم إعمال فكركم لاستخلاصها ما عدا عبرة واحدة ، لن أدعها لكم و إنما سأتولى تحذيركم منها و من أحظارها و عواقبها المدمرة ، حتى لا تقعوا فيها فتذهب ريحكم ألا و هي: الهوى الفكري فإنه يعمي صاحبه و يصيره عدواً لأمته . أرأيتم ما فعله الغلام فاني قاده هواه لخيانة شيخه واضعافه و اضعاف قبيلته ، أحذركم أن تمنحوا الثقة لأصحاب الفكر الذي يصادم فكر أمتكم ، و اعطاب مكامن القوة فيها ، فإن فعلتم وقعتهم تحت الاحتلال الذي لا يمكن التحرر منه أبداً .
كان ياما كان في سالف العصر و الأوان ملك من بني ساسان اسمه الحقيقي[أنشوروان العادل] واسمه الشرفي كسرى الأول ، كان هذا الملك شديد الحرص على جمع أبنائه و أصهاره و أحفاده و حاشيته و مسامرتهم أسبوعياً، يقص عليهم من أخبار الشعوب المجاورة لبلاد فارس كالروم و الهند و الصين و العرب ، ولكن الملك لاحظ من سامعيه تشاغلاً عندما يأتي الحديث عن العرب ،فقرر مواجهتهم ، وقال لهم مستنكراً: مالي أراكم تتململون عند الحديث عن جزيرة العرب ، وأنا أنتقي لكم أحسن قصص العرب و أخبارهم و حكمهم ، و أرى أنه لا غنى لكم عن معرفة أحوال هؤلاء القوم ، فالحاكم و التاجر والشرطي يحتاج إلى هذه المعرفة عند تعامله مع العرب ، فخيم الصمت عليهم..وبعد برهة تجاسر دستم واستأذن الملك في الحديث ، وقال :يا سيدي إننا لا نريد أي معرفة عن هؤلاء العربان رعاة الشاة و البعران ، أكلة الجراد و الجرذان و الضبان ،فليس عندهم علم ولا حكمة ، وهم تبع لنا يأخذون منا ولا نأخذ منهم ..
فقال الملك : أشكرك يا دستم فإن صدري ينشرح بالنقاش .. فاستأذنت كهرمان و قالت:يا سيدي إنما أراد زوجي أن يقول :إننا لا نتشاغل عن حديثك ؛و إنما نكره سماع قصص هؤلاء العربان. استأنف الملك حديثه قائلاً : يا أبنائي إن جميع الأمم تمر بمراحل صعود و هبوط و غنى و افتقار و توسع و انحسار و تحضر و انحطاط، وهؤلاء العرب الذين تحتقرونهم اليوم ، قد يحكمون أحفادكم يوماً ما فخذوا من قصصهم عبر لن تضركم يوم سؤددكم ، و قد تنفعكم يوم ضعفكم.
لذلك يا أبنائي سأروي لكم قصة مثيرة فيها عبر و عظات و حكم و صفات قد تكون حكراً على العرب كانت إحدى قبائل العرب يسوسها شيخ اسمه :كحيلان و كان رجلاً عطوفاً شهماً كريماً شجاعاً مقداماً ، يبذل جل وقته و جهده و ماله ، في سبيل جمع قبيلته و رفعتها ؛ ولذلك سعى لجمع القبائل المجاورة على التعاون و النصرة ، لصد غزاة السلب و النهب و السبي ، حتى أصبحت هذه القبائل بفضل جهود الشيخ /كحيلان مهابة الجانب، وذاع صيتها بين العربان ، و في أحد الأيام جاء إلى الشيخ :كحيلان بعض شيوخ إحدى القبائل التي كانت على الحنيفية ملة ابراهيم تدعى قبيلة [أخوان من طاع الله]طالبين الانضمام إلى حلف صيانة الأموال والأعراض ، فرحب الشيخ كحيلان بهم ، و استمهلهم ريثما يجمع شيوخ القبائل المتحالفة و يعرض عليهم الطلب ، فانصرفوا على أمل العودة لاتمام مراسم الاتفاق ، و في صبيحة اليوم التالي أرسل الشيخ : كحيلان غلامه المقرب إليه:فاني و أوصاه باقناع الشيوخ فالاتحاد قوة، فذهب الغلام فاني و نجح في اقناع جميع الشيوخ ما عدا الشيخ/جربوع شيخ قبيلة القصار ، فمكث ثلاثة أيام بليالهن عند الشيخ جربوع حصل فيها توافق فكري بينهما عميق ، و قال الشيخ جربوع لفاني و هو يودعه يا شيخ فاني إن هؤلاء القوم لا أطيق رؤيتهم ، فهم خطر على أبنائنا ، فشعاراتهم و نداءاتهم في الحرب تؤثر على فكر أبنائنا ، و لكني لا أستطيع مخالفة الشيخ : كحيلان ، وسأدفنها في قلبي مع سابقاتها ، أقسم الغلام فاني للشيخ جربوع بأنه سيعمل على إزالة هذه المخاوف الحقيقية بأسلوب يقتنع به الشيخ :كحيلان ، ولا يهمنا بعد ذلك أمر الدهماء و بقايا الحنيفية عاد الغلام فاني و معه موافقات جميع الشيوخ و موعد الاجتماع بأعيان قبيلة [أخوان من طاع الله]
وفي اليوم المحدد للاجتماع أمر الشيخ كحيلان بذبح الجزور وإشعال النار تحت القدور، وبسط الفرش وتصفيف الأرائك واسدال الستور، وبعد أن أكرمهم رفع الشيخ كحيلان يده وطلب من الشيوخ وضع أيديهم مع يده وترديد قسم الحلف والنصرة لحماية الأموال والأعراض. وفي الصباح تسلل الغلام فاني لواذاً إلى الشيخ جربوع ، و قد كسر التوافق الفكري بينهما كل الحواجز و الخطوط الحمراء ، وجد الغلام فاني الشيخ جربوع في حالة سيئة ،فطمأنه ووعده بفركسة الاتفاق مع قبيلة[أخوان من طاع الله] . و الايقاع بشيخهم /ابراهيم كنعان .
فشكره الشيخ جربوع و قال له يا شيخ فاني : إن بقايا الحنيفية موجودة مع القبائل الأخرى، و خطرهم على أبنائنا أشد من خطر الغزاة ؛ فالأموال و النسوان يمكن تعويضهم، و لكن فساد فكر أبنائنا يجعلهم أعداء لنا ،وعده الغلام فاني بفركسة الحلف مع كل القبائل و كل قبيلة تحمي مرابعها ، فشكره الشيخ جربوع و قال له و هو يودعه يا شيخ فاني : إن التوافق الفكري يجذبنا إلى بعض كجذب المغناطيس لبرادة الحديد.
قال انشوروان العادل : هذه قصة -يا أبنائي- فيها عبر و حكم و محاذير وخطر ، عليكم إعمال فكركم لاستخلاصها ما عدا عبرة واحدة ، لن أدعها لكم و إنما سأتولى تحذيركم منها و من أحظارها و عواقبها المدمرة ، حتى لا تقعوا فيها فتذهب ريحكم ألا و هي: الهوى الفكري فإنه يعمي صاحبه و يصيره عدواً لأمته . أرأيتم ما فعله الغلام فاني قاده هواه لخيانة شيخه واضعافه و اضعاف قبيلته ، أحذركم أن تمنحوا الثقة لأصحاب الفكر الذي يصادم فكر أمتكم ، و اعطاب مكامن القوة فيها ، فإن فعلتم وقعتهم تحت الاحتلال الذي لا يمكن التحرر منه أبداً .
فصه رائعه
ردحذفواللبيب بلاشاره يفهم
دمتم ودام طرحكم الراقي