انتخاب ترامب رئيسا لأقوى دولة في العالم ،يتأثر بسياساتها العالم كله ، وهذه الحقيقة لا ينكرها إلا جاهل أو مكابر أو ساذج أو عدمي ، والمسلم المؤمن بالإسلام دينا ودولة ، يتفاعل مع الأحداث من حوله - في عالم أصبح أشبه ما يكون بغرفة صغيرة- وله في الصحابة رضوان الله عليهم أسوة، الذين تفاعلوا و تعاطفوا مع الروم أهل الكتاب ضد الفرس عبدة النار ، وقص القرآن علينا هذه الحادثة في فواتح سورة الروم ، والرسول صلى الله عليه وسلم أمر زيد بن ثابت رضي الله عنه بتعلم لغة يهود ، والاهتمام بالأحداث وسبر أغوارها وتحليلها و فضح أهداف صناعها ، لا يتعارض إطلاقا مع أقدار الله كما قال عمر رضي الله عنه لمن حاجة بالقدر:( نفر من أقدار الله إلى أقدار الله ). إن مسلك منع الأخذ بالأسباب بحجة التسليم بالقضاء والقدر ،قد وظفتها المخابرات البريطانية عام١٨٥٧ م ضد الثوار المسلمين في القارة الهندية ، واستخدموا في ذلك دراويش الصوفية الذين دبجوا للمحتل البريطاني الفتاوى القدرية مثل:( إن السلطة البريطانية قضاء وقدر لا يمكن مواجهته بالسلاح، فأقدار الله تقابل بالرضا والتسليم كما قال تعالى :(..ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم ..).فعلى الذين يقحمون القضاء والقدر أن يعوا خطورة ذلك ، وبالمناسبة فإن توصيف المخابرات البريطانية للمقاومة الإسلامية في القارة الهندية كان (الوهابية )يومها لم يخترع مصطلح (إرهابي) وما نقموا من الوهابية إلا مقاومتهاللشرك و الاستعمار . وبعد هذه التحويلة الاجبارية، نعود إلى ترامب فالتعامل معه ويتطلب حذرًاوحكمة، وعدم الحكم عليه من خلال الخطاب الانتخابي؛ وإنما يكون الحكم من خلال الممارسة السياسية الخارجية، وخطابه بعد الفوز كان خطابًا عاقلًا ومتوازنًا وموضوعيًا ، وأعتقد أن الانفلات العنصري سيضمحل تحت عظم المسؤولية و أعبائها ،وسيشعر بالرهبة عندما يتسلم حقيبه الشيفرة النووية ،ومعها خارطة التحالفات الأمريكية العالمية، لست بهذا أقلل من خطورة ترامب ؛ بل إني أرى ظاهرة في المجتمع الأمريكي لم تعهد من قبل، فقد أحدث ترامب بعنصريته و عنجهيته وفوقيته شرخًا عميقا في المجتمع الأمريكي لا يداويه إلا الانكفاء داخليا واصلاح ما أحدثه من أضرار وأحقاد وانكسارات نفسية حادة ، واذا فشل في اصلاح ما أفسده داخليًا ، فقد يلجأ إلى تصدير أزمته وخوض حرب عسكرية ؛ فالحروب الأمريكية تخصص جمهوري ،لارتباطه بشركات صناعة السلاح والطاقة ،وقد يحصل بالحرب على شعبية بوش الابن الذي وصل إلى البيت الأبيض بحكم قضائي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق